كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


تنبيه‏:‏ في ضمن هذا الحديث إيماء إلى أن شدة حياء العبد من ربه توجب أنه إنما يسأله العفو لا الرضى عنه إذ الرضى لا يكون إلا للمتطهرين من الرذائل بعصمة أو حفظ وأما من تلطخ بالمعاصي فلا يليق به إلا سؤال العفو وعلى ذلك درج أهل السلوك‏.‏

- ‏(‏حم ت‏)‏ في الدعوات ‏(‏عن أبي بكر‏)‏ الصديق رضي اللّه عنه قال‏:‏ قام فينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عام أول على المنبر ثم بكى ثم ذكره قال المنذري‏:‏ رواه الترمذي من رواية عبد اللّه بن محمد بن عبيد وقال‏:‏ حسن غريب ورواه النسائي من طرق أحد أسانيدها صحيح اهـ‏.‏ وقد رمز المصنف لحسنه‏.‏

4701 - ‏(‏سلوا اللّه‏)‏ أي ادعوه لإذهاب البلاء وقيل الدعاء ‏(‏من فضله‏)‏ أي من زيادة إفضاله عليكم قال الطيبي‏:‏ الفضل الزيادة وكل عطية لا تلزم المعطي والمراد أن إعطاء اللّه ليس بسبب استحقاق العبد بل إفضاله من غير سابقة ولا يمنعكم شيء من السؤال ثم علل ذلك بقوله ‏(‏فإن اللّه يحب أن يسأل‏)‏ أي من فضله لأن خزائنه ملآى لا يغيضها نفقة سحاء الليل والنهار فلما حث على السؤال هذا الحث البليغ وعلم أن بعضهم يمتنع من الدعاء لاستبطاء الإجابة فيدعه قال ‏(‏وأفضل العبادة انتظار الفرج‏)‏ أي أفضل الدعاء انتظار الداعي الفرج بالإجابة فيزيد في خضوعه وتذلله وعبادته التي يحبها اللّه تعالى وهو المراد من قوله فإن اللّه يحب إلخ‏.‏

- ‏(‏ت‏)‏ في الدعوات ‏(‏عن ابن مسعود‏)‏ رمز المصنف لصحته وليس كما قال ففيه حماد بن واقد قال الترمذي نفسه‏:‏ ليس بالحافظ وقال الحافظ العراقي‏:‏ ضعفه ابن معين وغيره اهـ‏.‏ وقصارى أمره أن ابن حجر حسنه‏.‏

4702 - ‏(‏سلوا اللّه علماً نافعاً‏)‏ أي شرعياً معمولاً به ‏(‏وتعوّذوا باللّه من علم لا ينفع‏)‏ قال الحافظ ابن رجب‏:‏ هذا كالسحر وغيره من العلوم المضرة في الدين أو الدنيا وقد ورد تفسير العلم الذي لا ينفع بعلم النسب في مرسل رواه أبو داود في مراسيله اهـ‏.‏ وأقول‏:‏ هذا وإن كان محتملاً لكن أقرب منه أن يراد في الحديث المشروح العلم الذي لا عمل معه فإنه غير نافع لصاحبه بل ضار له بل يهلكه فإنه حجة عليه قال الغزالي‏:‏ العلم النافع هو ما يتعلق بالآخرة وهو علم أحوال القلب وأخلاقه المذمومة والمحمودة وما هو مرضي عند اللّه وذلك خارج عن ولاية الفقيه بعزل المصطفى صلى اللّه عليه وسلم أرباب السيف والسلطنة عنه حيث قال‏:‏ هل شققت عن قلبه والفقيه هو معلم السلطان ومرشده إلى طريق سياسة الخلق وقد اتفقوا على أن الشرف في العلم ليعمل به فمن تعلم علم اللعان والظهار والسلم والإجارة ليتقرب بتعاطيها إلى اللّه فهو مجنون وعلم طريق الآخرة فرض عين في فتوى علماء الآخرة والمعرض عنه هالك بسيف سلاطين الدنيا بفتوى فقهاء الدنيا لكن علم الفقه وإن كان من علوم الدنيا لا يستغني عنه أحد البتة وهو مجاور علم الآخرة فإنه نظر في أعمال الجوارح‏.‏

- ‏(‏ه هب عن جابر‏)‏ رمز المصنف لصحته وأخطأ ففيه أسامة بن زيد فإن كان ابن أسلم فقد أورده الذهبي في الضعفاء وقال‏:‏ ضعفه أحمد وجمع وكان صالحاً وإن كان الليث فقد قال النسائي‏:‏ ليس بقوي وقال العلائي‏:‏ الحديث حسن غريب‏.‏

4703 - ‏(‏سلوا اللّه ليَّ الوسيلة‏)‏ المنزلة العلية والمراد بها هنا ‏(‏أعلى درجة في الجنة‏)‏ قال القاضي‏:‏ وأصل الوسيلة ما يتقرب به إلى غيره قال تعالى ‏{‏يا أيها الذين آمنوا اتقوا اللّه وابتغوا إليه الوسيلة‏}‏ أي اتقوه بترك المعاصي وابتغوا إليه بفعل الطاعات من وسل إلى كذا تقرّب إليه‏.‏ قال لبيد‏:‏

أرى الناس لا يدرون ما قدر أمرهم * ألا كل ذي لبّ إلى اللّه واسل

وإنما سميت وسيلة لأنها منزلة يكون الواصل إليها قريباً من اللّه فتكون كالوصلة التي يتوسل بالوصول إليها والحصول فيها إلى الزلفى منه تعالى والانخراط في غمار الملأ الأعلى أو لأنها منزلة سنية ومرتبة علية يتوسل الناس بمن اختص بها ونزل منها إلى اللّه تعالى شفيعاً مشفعاً يخلصهم من أليم عذابه ‏(‏لا ينالها إلا رجل واحد وأرجو أن أكون هو‏)‏ قال ابن القيم‏:‏ هكذا الرواية أن أكون أنا هو، ووجهه أن الجملة خبر عن اسم كان المستتر فيها ولا يكون فصلاً ولا توكيداً بل مبتدأ وقال عبد الجليل القصيري في شعب الإيمان‏:‏ الوسيلة التي اختص بها هي التوسل وذلك أنه يكون في الجنة بمنزلة الوزير من الملك بغير تمثيل لا يصل إلى أحد شيء إلا بواسطة‏.‏

- ‏(‏ن‏)‏ في المناقب من حديث كعب ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ وقال‏:‏ غريب إسناده ليس بقوي وكعب غير معروف اهـ‏.‏ فرمز المصنف لصحته مدفوع‏.‏

4704 - ‏(‏سلوا اللّه لي الوسيلة‏)‏ المنزلة العلية ‏(‏فإنه لا يسألها لي عبد‏)‏ مسلم ‏(‏في الدنيا إلا كنت له شهيداً وشفيعاً يوم القيامة‏)‏ إنما سميت الوسيلة لأنها أقرب الدرجات إلى العرش وأصل الوسيلة القرب فعيلة من وسل إليه إذا تقرب إليه ومعنى الوسيلة الوصلة ولهذا كانت أفضل الجنة وأشرفها وأعظمها نوراً ولما كان النبي صلى اللّه عليه وسلم أعظم الخلق عبودية لربه وأشدهم له خشية كانت منزلته أقرب المنازل لعرشه‏.‏

- ‏(‏ش طص عن ابن عباس‏)‏ رمز المصنف لصحته وليس كما ظن بل هو حسن لأن في سنده من فيه خلاف قال الهيثمي تبعاً للمنذري‏:‏ فيه الوليد بن عبد الملك والحراني قال ابن حبان‏:‏ مستقيم الحديث إذا روى عن الثقات‏.‏

4705 - ‏(‏سلوا اللّه ببطون أكفكم ولا تسألوه بظهورها‏)‏ الباء للآلة ويجوز كونها للمصاحبة وعادة من طلب شيئاً من غيره أن يمد كفه إليه ليضع النائل فيها والداعي طالب من أكرم الأكرمين فلا يرفع ظهر كفيه إلا إن أراد دفع بلاء لأن بطن كفيه في غيره إلى أسفل فكأنه أشار إلى عكس ذلك وخلوهما عن الخير‏.‏

- ‏(‏طب عن أبي بكرة‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ رجاله رجال الصحيح غير عمار بن خالد الواسطي وهو ثقة‏.‏

4706 - ‏(‏سلوا اللّه ببطون أكفكم‏)‏ كحالة الحريص على الشيء يتوقع تناوله ‏(‏ولا تسألوه بظهورها‏)‏ لأنه خلاف اللائق بحال طالب جلب نعمة كما تقرر ‏(‏فإذا فرغتم‏)‏ من الدعاء ‏(‏فامسحوا‏)‏ ندباً بها ‏(‏وجوهكم‏[‏ خارج الصلاة‏.‏‏]‏‏)‏ تفاؤلاً بإصابة المطلوب وتبركاً بإيصاله إلى وجهه الذي هو أول الأعضاء وأولاها فمنه تسري البركة إلى سائر الأعضاء وأما خبر إن ‏[‏ص 110‏]‏ المصطفى صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم استسقى وأشار بظهر كفه إلى السماء فمعناه رفعهما رفعاً تاماً حتى ظهر بياض إبطيه‏.‏

- ‏(‏د‏)‏ في الصلاة ‏(‏هق‏)‏ كلاهما ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ رمز المصنف لصحته وليس كما زعم فإن أبا داود نفسه إنما خرجه مقروناً ببيان حاله فقال‏:‏ روي هذا من غير طريق عن ابن عباس يرفعه وكلها واهية وهذا الطريق أمثلها وهو ضعيف اهـ‏.‏ وساقه عند البيهقي وأقره وارتضاه الذهبي وأقره ابن حجر فاعجب للمصنف مع اطلاعه على ذلك كيف أشار لصحته‏.‏

4707 - ‏(‏سلوا اللّه حوائجكم البتة‏)‏ أي قطعاً ولا تترددوا في سؤاله فإنه إن لم يسهلها لم تسهل والبت القطع ‏(‏في صلاة الصبح‏[‏ أي في السجود وعقبها‏.‏‏]‏‏)‏ لأنها أول صلاة النهار الذي هو محل الحاجات غالباً فلعل أن تجابوا قبل وقوع ذنب يمنع وفيه رد على من منع الدعاء في المكتوبة بغير قراءة‏.‏

- ‏(‏ع عن أبي رافع‏)‏ ورواه عنه الديلمي أيضاً‏.‏

4708 - ‏(‏سلوا اللّه كل شيء‏)‏ من أمر الدين والدنيا الذي يجوز سؤاله شرعاً ‏(‏حتى الشسع‏)‏ أي سور النعل الذي تدخل بين الأصبعين ويدخل طرفه في الثقب الذي في صدر النعل المشدود في الزمام والزمام السير الذي يدخل فيه الشسع ‏(‏فإن اللّه إن لم ييسره لم يتيسر‏)‏ فإذن لا طريق إلى حصول أي مطلوب من جلائل النعم ودقائقها إلا بالتطفل على موائد كرم من له الأمر وفي الإنجيل سلوا تعطوا اطلبوا تجدوا اقرعوا يفتح لكم كل من سأل أعطى ومن طلب وجد ومن يقرع يفتح له‏.‏ أوحى اللّه إلى موسى قل للمؤمنين لا يستعجلوني إذا دعوني ولا يبخلوني أليس يعلمون أني أبغض البخيل كيف أكون بخيلاً يا موسى لا تخف مني بخلاً أن تسألني عظيماً ولا تستحي أن تسألني صغيراً اطلب إلي الدقة والعلف لشاتك يا موسى أما علمت أني خلقت الخردلة فما فوقها وإني لم أخلق شيئاً إلا وقد علمت أن الخلق يحتاجون إليه فمن سألني مسألة وهو يعلم أني قادر أعطي وأمنع أعطيته مسألته بالمغفرة‏.‏ قال عروة بن الزبير‏:‏ إني أسأل اللّه في صلاتي حتى أسأله الملح إلى أهلي وكان ابن المنكدر يقول‏:‏ اللهم قوِّ ذكري فإنه منفعة لأهلي وإنما سأل قوَّته ليخرج من حق زوجته لا لقضاء النهمة لأن المرأة نهمتها في الرجال فإذا عطلها خيف عليها الزنا‏.‏

- ‏(‏ع عن عائشة‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ رجاله رجال الصحيح غير محمد بن عبد اللّه بن المنادي وهو ثقة‏.‏

4709 - ‏(‏سلوا أهل الشرف عن العلم فإن كان عندهم علم فاكتبوه فإنهم لا يكذبون‏)‏ فإنهم يصونون شرفهم عن أن يدنسوه بعار الكذب‏.‏ كتب عمر بن عبد العزيز إلى الحسن البصري عند ما ولى الخلافة أشر عليَّ بقوم أستعين بهم على أمر اللّه فكتب إليه أما أهل الدين فليس يريدونك ولكن عليك بالأشراف فإنهم يصونون شرفهم أن يدنسوه بالخيانة ومن كلامهم ولد الشريف أولى بالشرف والدر أغلى من الصدف وهو أمر غالبي والحديث ورد على الغالب قال القطب القسطلاني‏:‏

إذا طاب أصل المرء طابت فروعه * ومن غلط جاءت يد الشوك بالورد

وقد يخبث الفرع الذي طاب أصله * ليظهر صنع اللّه في العكس والطرد

وقال الراغب‏:‏ الشرف أخص بمآثر الآباء والعشيرة ولذلك قيل للعلوية أشراف قال‏:‏ ومن الناس من لا يعد شرف الأصل فضيلة وقال‏:‏ المرء بنفسه واستدل بقول علي‏:‏ الناس أبناء ما يحسنون وبقوله‏:‏ قيمة كل امرء ما يحسنه‏.‏ ويقول الشاعر‏:‏

كن ابن من شئت واكتسب أدباً * يغنيك محموده عن النسب ‏[‏ص 111‏]‏

وقال حكيم‏:‏ الشرف بالهمم العالية لا بالرمم البالية، وليس كما ظن لأن شرف الآباء والأعمام والأخوال مخيلة لكرم المرء ومظنة له فالفرع وإن طاب قد يفسد أحياناً فأصله يورث الفضيلة والرذيلة ولهذا قيل‏:‏

إن السرى إذا سرا فبنفسه * وابن السرى إذا سرا أسراهما

ويبين ذلك أن الأخلاق نتائج الأمزجة ومزاج الأب كثيراً ما يتأدى إلى الابن كاللون والخلق والصورة ومن أجل تأديتها إليه كما جاء في خبر تخيروا لنطفكم وما ذكر من نحو قول أمير المؤمنين‏:‏ الناس أبناء ما يحسنون، فحث للإنسان على اقتباس العلى ونهى عن الاقتصار على مآثر الآباء فإن المآثر الموروثة قليلة الغنى ما لم يضامها فضيلة النفس لأن ذلك إنما يحمد ليوجد الفرع مثله ومتى اختلف الفرع وتخلف أخبر بأحد شيئين إما بتكذيب من يدعي الشرف بعنصره أو بتكذيبه في انتسابه إلى ذلك العنصر وما فيها حظ المختار والمحمود كون الأصل في الفضل راسخاً والفرع به شامخاً كما قيل‏:‏

زانوا قديمهم بحسن حديثهم * وكريم أخلاق بحسن خصال

ومن لم يجتمع له الأمران فلأن يكون شريف النفس دنيء الأصل أولى من كونه دنيء النفس شريف الأصل ومن كان عنصره سنياً وهو في نفسه دنيء فذلك أتى إما من إهماله نفسه وشؤمها وإما لتعود عادات قبيحة وصحبة أشرار ونحو ذلك‏.‏

تنبيه‏:‏ قال بعض الصوفية‏:‏ عند ذوي الشرف من الأكابر ما لم يوجد عند غالب الناس من حيائهم من النطق بالقبيح وغض الطرف عن عورات الناس وعدم الشره في الأكل وفقد جرأتهم وتعظيمهم من يعلمهم الأدب ولبس الخف في أرجلهم وجعلهم الأكمام ضيقة خوفاً أن يبدو من أطرافهم شيء ولبس السراويل على الدوام حتى كأنه فرض لازم وتجد الواحد منهم أشد تواضعاً من مولاه‏.‏

- ‏(‏ص عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب ورواه عنه أيضاً أبو نعيم ومن طريقه أورده الديلمي فلو عزاه المصنف إليه لكان أولى‏.‏

4710 - ‏(‏سمى هارون ابنيه شبراً وشبيراً‏)‏ كجبل وجبيل قال في الفردوس‏:‏ قيل هما اسمان سريانيان معناهما مثل معنى الحسن والحسين ‏(‏وإني سميت ابني الحسن والحسين كما سمى به هارون ابنيه‏)‏ قال الزمخشري‏:‏ عن وهب بن منبه بسرج بالبيت المقدس كل ليلة ألف قنديل وكان يخرج من طور سيناء زيت كعنق البعير صاف يجري حتى يصب في القناديل من غير أن تمسه الأيدي وتجيء نار من السماء بيضاء لتسرج القناديل وكان القربان والسرج بين شبر وشبير فأمر بأن لا يسرجانها بنار الدنيا فاستعجلا يوماً فأسرجا بها فسقطت فأكلهما فصرخ الصارخ إلى موسى فجاء يعج يدعو يا رب ابني أخي عرفت مكانهما فقال‏:‏ يا ابن عمران هكذا أفعل بأوليائي إذا عصوني فكيف بأعدائي‏.‏

- ‏(‏البغوي‏)‏ المعجم ‏(‏وعبد الغني‏)‏ الحافظ في كتاب ‏(‏الإيضاح وابن عساكر‏)‏ في التاريخ وكذا أبو نعيم والديلمي ‏(‏عن سلمان‏)‏ الفارسي رواه عنه الطبراني بسند فيه بردعة بن عبد الرحمن وهو كما قال الهيثمي‏:‏ ضعيف وفي الميزان‏:‏ له مناكير منها هذا الخبر‏.‏

4711 - ‏(‏سم ابنك عبد الرحمن‏)‏ لما سبق أن أحب الأسماء إلى اللّه عبد اللّه وعبد الرحمن ولأنه اسم أمين الملائكة إسرافيل كما رواه الديلمي عن أبي أمامة مرفوعاً ولأنه أول اسم سمى به آدم أول أولاده كما خرجه عبد بن حميد عن السربي ولأن فيه تفاؤلاً بأن المسمى به يصير من الذين قال تعالى فيهم ‏{‏وعباد الرحمن‏}‏‏.‏

تنبيه‏:‏ قال ابن القيم‏:‏ التسمية حق للأب وللأم ولو تنازع أبواه في تسميته فهي للأب لأن الولد يتبع أباه في النسب والتسمية تعريف النسب والمنسوب‏.‏

- ‏(‏خ عن جابر‏)‏ قال‏:‏ ولد لرجل غلام فسماه القاسم فقلنا لا نكنيك أبا القاسم ولا كرامة فأخبر النبي صلى اللّه عليه وسلم فذكره‏.‏

4712 - ‏(‏سموه‏)‏ أي الصبي المولود ‏(‏بأحب الأسماء إلى حمزة‏)‏ أي بأحب أسماء الشهداء إلي وبعد الأسماء المضافة إلى العبودية ‏[‏ص 112‏]‏ فلا تعارض بينه وبين الخبر المار إذا سميتم فعبدوا وخبر أحب الأسماء إلى اللّه عبد اللّه وعبد الرحمن‏.‏

- ‏(‏ك‏)‏ في المناقب ‏(‏عن جابر‏)‏ قال‏:‏ ولد لرجل غلام فقالوا‏:‏ ما نسميه يا رسول اللّه فذكره قال الحاكم‏:‏ صحيح ورده الذهبي فقال يعقوب‏:‏ أي ابن كاسب أحد رجاله ضعيف وصوابه مرسل‏.‏

4713 - ‏(‏سموا أسقاطكم‏)‏ جمع سقط بتثليث السين ولد سقط من بطن أمه قبل كماله ‏(‏فإنهم من أفراطكم‏)‏ جمع فرط بالتحريك هو الذي يتقدم القوم ليهيئ لهم ما يحتاجونه من منازل الآخرة ومقامات الأبرار‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في التاريخ ‏(‏عن ابن هريرة‏)‏ قال ابن القيم‏:‏ وأما خبر إن عائشة أسقطت من النبي صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم سقطاً فسماه عبد اللّه وكناها به فلا يصح‏.‏

4714 - ‏(‏سموا السقط يثقل اللّه به ميزانكم فإنه يأتي يوم القيامة يقول أي رب أضاعوني فلم يسموني‏)‏ قيل‏:‏ وهذا عند ظهور خلقه وإمكان نفخ الروح فيه لا عند كونه علقة أو مضغة‏.‏

- ‏(‏ميسرة في مشيخته عن أنس‏)‏ ورواه عنه الديلمي لكن بيض لسنده‏.‏

4715 - ‏(‏سموا‏)‏ بفتح السين وضم الميم ‏(‏باسمي ولا تكنوا بكنيتي‏)‏ بالضم من الكناية قال القاضي‏:‏ الكنى تطلق تارة على قصد التعظيم والتوصيف كأبي المعالي وأبي الفضائل وللنسبة إلى الأولاد كأبي سلمة وأبي شريح وإلى ما يناسبه كأبي هريرة فإن النبي صلى اللّه عليه السلام رآه ومعه هرة فكناه بها وللعلمية الصرفة كأبي عمرو وأبي بكر ولما كان المصطفى صلى اللّه عليه وسلم يكنى أبا القاسم لأنه يقسم بين الناس من قبل اللّه تعالى ما يوحى إليه وينزلهم منازلهم التي يستحقونها في الشرف والفضائل وقسم الغنائم والفيء ولما لم يكن أحد منهم يشاركه في هذا المعنى منع أن يكنى بهذا المعنى أما لو كني به أحد للنسبة إلى ابن له اسمه قاسم أو للعلمية المجردة جاز ويدل عليه التعليل المذكور للنهي وقيل‏:‏ النهي مخصوص بحال حياته لئلا يلتبس خطابه بخطاب غيره‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عباس‏)‏‏.‏

4716 - ‏(‏سموا باسمي ولا تكنوا‏)‏ بفتح فسكون بضبط المصنف ‏(‏بكنيتي فإني إنما بعثت قاسماً أقسم بينكم‏)‏ والكنية ما صدرت بأب أو أم وكان النبي صلى اللّه عليه وسلم يكنى أبا القاسم بولده القاسم أكبر أولاده وكان النبي صلى اللّه عليه وسلم بالسوق فقال رجل‏:‏ يا أبا القاسم فالتفت النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال‏:‏ إنما دعوت هذا فذكره قال القرطبي‏:‏ وهذه حالة تنافي الاحترام والتعزيز المأمور به فلما كانت الكناية بأبي القاسم تؤدي إلى ذلك نهى عنها فإن قيل‏:‏ فيلزم امتناع التسمية بمحمد وقد أجازه قلنا‏:‏ لم يكن أحد من الصحب يناديه باسمه إذ لا توقير في النداء به وإنما كان يناديه به أجلاف العرب ممن لم يؤمن أو آمن ولم يرسخ الإيمان في قلبه كالذين نادوه من وراء الحجرات يا محمد اخرج إلينا فمنع ما كانوا ينادونه وأبيح ما لم يكونوا ينادونه به وعليه فيكون النهي مخصوصاً بحياته وهو ما عليه جمع لكن رد بأن قضية حديث جابر هذا أن ذلك الاسم لا يصدق على غيره صدقه عليه لقوله فإني أنا أبو القاسم أقسم أي هو الذي يلي قسم المال في نحو إرث وغنيمة وزكاة وفي تبليغ عن اللّه حكمه وليس ذلك لغيره فلا يطلق بالحقيقة هذا الاسم إلا عليه ولهذا كان الأصح عند الشافعية تحريمه بعد موته وزعم القرطبي جوازه حتى في حياته تمسكاً بخبر الترمذي ما الذي أحل ‏[‏ص 113‏]‏ اسمي وحرم كنيتي وجعله ناسخاً لهذا الحديث يرده اشتراطه هو وغيره معرفة التاريخ وغير المتأخر‏.‏

- ‏(‏ق عن جابر‏)‏ وفي الباب عن ابن عباس وأبي حميد وغيرهما‏.‏

4717 - ‏(‏سموا بأسماء الأنبياء ولا تسموا بأسماء الملائكة‏)‏ كجبريل فيكره التسمي بها كما ذكره القشيري ويسن بأسماء الأنبياء ومن ذهب كعمر إلى كراهة التسمي بأسماء الأنبياء كأنه نظر لصون أسمائهم عن الابتذال وما يعرض لها من سوء الخطاب عند الغضب وغيره‏.‏

- ‏(‏تخ عن عبد اللّه بن جراد‏)‏ قال البيهقي‏:‏ قال البخاري في إسناده نظر‏.‏

4718 - ‏(‏سمي‏)‏ الشهر ‏(‏رجب‏)‏ رجباً ‏(‏لأنه يترجب‏)‏ أي يتكثر ويتعظم ‏(‏فيه خير كثير لشعبان ورمضان‏)‏ يقال رجبه مثل عظمه وزناً ومعنىً فالمعنى أن يهيئ فيه خير كثير عظيم للمتعبدين في شعبان ورمضان‏.‏

- ‏(‏أبو محمد الحسن بن محمد الخلال‏)‏ بفتح المعجمة وشدة اللام منسوب لبيع الخل أو غيره ‏(‏في فضائل‏)‏ شهر ‏(‏رجب عن أنس‏)‏ بن مالك‏.‏

4719 - ‏(‏سوء الخلق‏)‏ بالضم ‏(‏شؤم‏)‏ أي شر ووبال على صاحبه لأنه يفسد العمل كما يفسد الخل العسل كما يأتي في الخبر بعده وفي المصباح الشؤم الشر‏.‏

- ‏(‏ابن شاهين في الأفراد عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب رضي اللّه تعالى عنهما‏.‏

4720 - ‏(‏سوء الخلق شؤم‏)‏ على صاحبه وغيره ‏(‏وشراركم‏)‏ أي من شراركم أيها المؤمنون ‏(‏أسوأكم أخلاقاً‏)‏ قال الغزالي‏:‏ حسن الخلق هو الإيمان وسوء الخلق هو النفاق وقد ذكر تعالى صفات المؤمنين والمنافقين وهي بجملتها ثمرة حسن الخلق وسوء الخلق وقد ذكروا لحسن الخلق علامات كثيرة قال حاتم الأصم‏:‏ المؤمن مشغول بالفكر والعبر والمنافق مشغول بالحرص والأمل والمؤمن آيس من كل أحد إلا من اللّه والمنافق راج كل أحد إلا اللّه والمؤمن هدم ماله دون دينه والمنافق بعكسه والمؤمن يحسن ويبكي والمنافق يسيء ويضحك والمؤمن يحب الوحدة والخلوة والمنافق يحب الخلطة والملأ - إلى هنا كلام الغزالي‏.‏ روي أن أبا عثمان الحيري اجتاز سكة فطرحت عليه أجانة رماد فنزل عن دابته وجعل ينفضه عن ثيابه ولم يتكلم فقيل‏:‏ ألا تزجرهم فقال‏:‏ من استحق النار فصولح على الرماد لم يحسن أن يغضب وقالت امرأة لمالك بن دينار‏:‏ يا مرائي فقال‏:‏ هذه وجدت اسمي الذي أضله أهل البصرة

- ‏(‏خط عن عائشة‏)‏ وروى أبو داود الجملة الأولى منه فقط قال الحافظ العراقي‏:‏ وكلاهما لا يصح‏.‏

4721 - ‏(‏سوء الخلق شؤم وطاعة النساء ندامة‏)‏ أي حزن وكراهة من الندم بسكون الدال وهو الغم اللازم ‏(‏وحسن الملكة نماء‏)‏ أي نمو وزيادة في الخير والبركة قال الغزالي‏:‏ كل إنسان جاهل بعيب نفسه فإذا جاهد نفسه أدنى مجاهدة ربما ظن أنه هذب نفسه وحسن خلقه فلا بد من الامتحان فأولى ما يمتحن به الملكة وحسن الخلق الصبر على الأذى واحتمال الجفاء ومن شكا من سوء خلق غيره دل على سوء خلقه لأن حسن الخلق احتمال الأذى‏.‏

- ‏(‏ابن منده عن الربيع الأنصاري‏)‏‏.‏

4722 - ‏(‏سوء الخلق يفسد العمل كما يفسد الخل العسل‏)‏ أي أنه يعود عليه بالإحباط قال العسكري‏:‏ أراد أن المبتدئ بفعل ‏[‏ص 114‏]‏ الخير إذا قرنه بسوء الخلق أفسد عمله وأحبط أجره كالمتصدق إذا اتبعه بالمن والأذى، وأخرج البيهقي في الشعب عن وهب بن منبه عن ابن عباس قال موسى‏:‏ يا رب أمهلت فرعون أربع مئة سنة وهو يقول أنا ربكم الأعلى ويكذب بآياتك ويجحد رسلك فأوحى اللّه إليه إنه كان حسن الخلق سهل الحجاب فأحببت أن أكافئه وقال وهب‏:‏ مثل السيء الخلق كمثل الفخار المكسرة لا ترقع ولا تعاد طيناً وقال الفضل‏:‏ لأن يصحبني فاحش حسن الخلق أحب إليّ من أن يصحبني عابد سيء الخلق‏.‏